---
يتضمّن هذا الكتاب خلاصة خبرة غنية، اكتسبها مبدع فذّ خلال مسيرته الحياتية بكل ما فيها من محن قاسية وصدامات عنيفة، وزلّات مخزية، ومواقف نبيلة، وإنجازات إبداعية مبهرة. استمر دوستويفسكي من عام ١٨٧٦ حتى عام ١٨٨١ "مع انقطاع دام عامين لانشغاله بكتابة رواية الإخوة كارامازوف) بإصدار "يوميات كاتب" في مطبوعة دورية شهرية مستقلة .. بين في الإعلان الذي نشره مسبقاً في صحف بطرسبورغ .. أن المطبوعة "ستكون يوميات بالمعنى الحرفي للكلمة .. ستكون تقريراً عن الانطباعات التي تكوّنت لديّ فعلاً في كل شهر .. تقريراً عما شاهدته وسمعته وقرأته" . وكان الكاتب يرصد جميع الجوانب الدقيقة في تطوّر "الحياة الحية"، ويتابع بانتباه شديد انعكاس تجلّياتها في الصحافة الروسية والأجنبية. ويذكر شاهدو عيان: أن الكاتب كان يستعرض الجرائد والمجلات يومياً "حتى آخر عمود منها"، ويحرص على أن يلتقط من خلال التنوّع الكبير في الوقائع الهامّة والثانوية، وحدتها الداخلية وأسسها الاجتماعية - النفسية، وجوهرها الروحي- الأخلاقي، ومغزاها الفلسفي - التاريخي. ومن الطريف أن بعض المثقفين الروس المعاصرين لدوستويفسكي، كانوا يرون: أن تجلّي عبقريته في "يومياته" يفوق تجلّيها في "أعماله الإبداعية". وتأتي الترجمة الراقية الرصينة المتأنّية؛ لتضفي على العمل إبداعاً على إبداع.
---
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق